عرفت أن الرياء محبط للأعمال ، وسبب للمقت عند الكبير المتعال ، وأنه
من كبائر المهلكات ، وما هذا وصفه فجدير التشمير عن ساق الجد في إزالته و
علاجه ، وها هنا مقامان:.
أحدهما: قطع عروقه وأصوله وهي حب لذة
المحمدة والفرار من ألم الذم والطمع فيما أيدي الناس ، فهذه الثلاثة هي
التي تحرك المرائى إلى الرياء وعلاجه أن يعلم مضرة الرياء وما يفوته صلاح
قلبه وما يحرك عليه في الحال من التوفيق وفي الآخرة من المنزلة عند الله
تعالى ، وما يتعرض له من العقاب والمقت الشديد والخزي الظاهر ، كما فمهما
تفكر العبد في هذا الخزي وقابل ما يحصل له من العباد والتزين الهم ف الدنيا
بما يفوته في الآخر وبما يحبط عليه من ثواب الأعمال فإنه يسهل عليه قطع
الرغبة عنه كمن يعلم أن العسل لذيد ولكنه إذا بان له أن فيه سما أعرض عنه .
المقام
الثاني : دفع العارض منه أثناء العبادة وذلك لابد أيضا من تعلمه فإنه من
جاهد نفسه بقطع مغارس الرياء وقطع واستحقار مدح المخلوقين وذمهم فقد لا
يتركه الشيطان في أثناء العبادة بل يعارضه بخطرات الرياء فإذا خطر له معرفة
إطلاع الخلق دفع ذلك بأن قال لنفسه مالك وللخلق علموا أو لم يعلموا والله
عالم بحالك فأى فائدة في علم غيره ، فإذا هاجت الرغبة إلى لذة الحمد ذكر ما
رسخ في قلبه آفة الرياء وتعرضه للمقت الإلهي والخسران الأخرى .