وضع الاقتصاد في عهد الرئيس محمد حسني مبارك
لا شك النهضة الاقتصادية التي صنعها عبد الناصر لم تدم في عهد الرئيس السادات بأي شكل
من الأشكال فبعد أن رحل وتولى الرئيس محمد أنور السادات انهارت الصناعة
المصرية ووصل الاقتصاد المصري إلى أدنى مستوياته إضافة إلى تلاشي العملة
الصعبة من الدولة لدرجة عجز مصر عن دفع فوائد الديون المتزايدة التي لم
تعرف مصر مثلها قبل السادات، ولا حتى في عهد الخديو إسماعيل، في الوقت
الذي شهدت فيه معدلات التضخم ارتفاعا كبيرا، كما شهد الاقتصاد في عهد
السادات خللا كبيرا في هيكله حيث انخفض نصيب الصناعة التحويلية في الناتج
القومي والعمالة والصادرات، كما ارتفع نصيب الخدمات والمواد الأولية من
الناتج القومي، وهو ما ترك اقتصادا فارغا من الممكن أن يتوقف عن النمو مع
أي عامل خارجي، هذا وبلغت البطالة ذروتها في عهد السادات بشكل كبير.
وعلى الرغم من ضعف
الاقتصاد بهذا الشكل إلا أن معدل الناتج القومي كان مرتفعاً جداً عند مقتل
السادات، ولكن السبب لم يكن نشاطاً إنتاجياً بقدر ما كان ارتفاع معدل
الهجرة إلي دول الخليج، وإعادة فتح قناة السويس وازدهار السياحة، وهي
أشياء لا تمثل نشاطاً إنتاجيا بمعني الكلمة، وشديدة الحساسية للتطورات
والأحداث السياسية في المنطقة، ومن ثم معرضة للتدهور في أي لحظة.
هذا وقد تسلم الرئيس الحالي محمد حسني مبارك الدولة وهي في أسوأ أحوالها الاقتصادية والسياسية
بعدما عمد الرئيس السادات إلى قلب النظام الاشتراكي في الاقتصاد إلى
النظام الرأسمالي وهو ما أدى إلى انتشار الفساد وكثرة السرقة والتحايل على
أموال الدولة كما أدى هذا النظام إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى جانب
انفجار مستويات التضخم بشكل كبير جدا، وذلك لأن الريس السادات لم يكن لديه
أجندة منسقة لإدارة اقتصاد الدولة سوى تفكيره وحده دون وجود تخطيط أو
دراسات على عكس نظام عبد الناصر، هذا وبعد رحيل الرئيس السادات وتسلم
الرئيس الحالي لشئون البلاد فإنه قد عمد إلى تنفيذ العديد من الخطط
والاستراتيجيات في محاولة منه للنهوض بالاقتصاد المصري وها هنا سوف نوضح
ما لهذه السياسات من إيجابيات وسلبيات والإحصائيات الموثقة الناتجة عن تنفيذ هذه الخطط.
أولا ومنذ بداية عام 1981 ومع تولي الرئيس محمد حسني مبارك لرئاسة الدولة والذي تسلم الدولة في
أسوأ حالتها من كافة النواحي خصوصا الاقتصاد الذي تردت حالته بشكل فظيع،
فقد أعلن توليه مشروع وطني وكانت التنمية الاقتصادية على قمة هذا المشروع
وتم عقد مؤتمر لمناقشة استراتيجيات تنموية طموحة ومتواصلة من خلال الخطط
الخمسية والتي بدأت في 1982 حيث تم جدولة الديون وتكثيف إجراءات التحول
نحو اقتصاد السوق والتي كان من أهمها إلغاء نظام التخطيط المركزي والتحول
إلى القطاع الخاص مع الإبقاء على دور الدولة في إدارة الاقتصاد الكلي على
نحو يكفل استقرار الأسعار والتوزان الخارجي والعدالة في التوزيع ومنع
الاحتكار والانتقال من مرحلة التصنيع من أجل الإحلال محل الواردات إلى مرحلة التصنيع من أجل التصدير