(القصــــــــــــة)
يُحكى أن شابا كثير الفشل أراد أن
يتعلم الإصرار.. يتعلم فن صنع النجاح
ما معناه.. كيفيته وتطبيقه في حياته العملية
لكي يغير من حياته فتتحسن وتكون أفضل
بدأ ذلك الشاب في السؤال عن شخص
عالمٍ حكيم يعلمه معنى الإصرار
وبالسؤال هنا وهناك.. أرشده جماعة
من الأساتذة إلى رجل حكيم يعلم الناس
هذه الأمور بطريقة سلسة لا ينساها أبداً..
ولكنه يعيش في الصين
لم يأبه الشاب أين يقابل ذلك الحكيم طالما أنه موجود
فجمع أمتعته وشد الرحال إلى الصين
نعم وتلك إرادته على تغيير حياته الفاشلة إلى ناجحة وفي سبيل أن يتعلم معنى الإصرار عملياً على يد ذلك الحكيم الصيني.
وصدق من قال.. اطلبوا العلم ولو في الصين
وفي أثناء الطريق واجهت ذلك الشاب صعاب كثيرة
ومخاطر نجاه الله تعالى منها وهو - أي الشاب -
لا يبالي بتعبه ولا بخسارة أمواله ولا بتغربه عن أهله
وعن الوطن والأصحاب والأحباب.. همه الوحيد هو أن
يعرف ما معنى الإصـــــــــرار
ليتقن فن صناعة النجاح في حياته
بالطريقة الأمثل.. للتغير حياته إلى الأفضل
جدَّ في السؤال عن الحكيم.. وفي كل مرة يخطئه
إلى أن وقع عليه أخيراً.. رجلٌ عجوز يعيش بكل بساطة
في كوخ صغير.. يأتيه الناس فيعلمهم
سأل الشابُّ الحكيمَ.. يا حكيمُ أريد أن أتعلم الإصرار
أريد أن أعرفه.. أريد أن أطبقه فأجابه الحكيم الصيني.. بـ
.
انظر إلى وجهك في المرآة
تعجب الشاب.. وهل قطعت كل هذه المسافات وجازفت بحياتي ومالي وأهلي ووطني في أهوال الطريق ومخاطره وصرفت أموالي حتى الفتات
وسألت في شمال وشرق
وجنوب وغرب الأرض والصين عن حكيم مشهور
هو أنت.. لتقول لي آخر المطاف..
انظر إلى وجهك في المرآة؟؟؟؟
فلما رأى الحكيم كل هذا الانفعال والاستغراب على وجه الشاب أجابه بكل هدوء وبرود: على فكرة يا بُني.. ليس عندنا مرآة أيضا..
الشاب: هااااااااااه؟!!
الحكيم وبكل بساطة وأريحية: ولا يهمك لدينا طريقة أخرى
تستطيع من خلالها أن تنظر في وجهك
ومن ثم تعرف معنى الإصرار.. ألا وهي:
.
.
.
طشت ماي.. انظر إلى الماء فتنعكس
صورة وجهك وترى الإصرار.. بعدها ستعرف معنى
الإصــــــــــــــــــــــرار
.
ما علاقة ملامح الوجه الشخصية بالإصرار؟!!
ألا يُعد السؤال وقطع كل هذه المسافات
والمجازفات بالحياة وصرف الأموال والبعد
عن الأهل والوطن.. إلخ.. إصراراً بحد ذاته؟؟؟
.
عندما سأل الشابُ الحكيمَ هل أنت جاد فيما تقوله؟
أجابه الحكيم بنعم.. انظر إلى وجهك في طشت الماء
وستعرف الإصرار.. فنظر الشاب إلى الطشت فرأى
صورته المنعكسة على سطح ماء الطشت..
فقال للحكيم
لا أرى الإصرار.. فقال له الحكيم قرّب وجهك منه
وأمعن النظر وتأمل أكثر لكي تراه وتعرفه..
فقرب الشاب رأسه من ماء الطشت وقال لا أرى الإصرار
فقال له الحكيم: بل قرِّب وجهك منه أكثر وأكثر..
وهكذا إلى أن قرب الشاب وجهه إلى حد أن أنفه صار
يلامس سطح ماء الطشت وهو يقول لا أرى الإصرار..
حينها جاء الحكيم وأمسك برأس الشاب وغطسه في الطشت
وبقي على هذه الحال لمدة دقيقة تقريبا.. فعندما
أحس الشاب بالاختناق وأنه إن بقي ثانية أخرى فسوف يموت ويهلك
رفع رأسه من طشت الماء بقوة.. وصرخ بوجه الحكيم
فقال له الحكيم لا مجنون غيرك.
فرد عليه الشاب وكيف ذلك؟
فقال له الحكيم: ألم أغطس رأسك في الماء بيدي؟
قال الشاب: بلى
الحكيم: خلال أول عشر ثواني.. لماذا لم ترفع رأسك منه؟الشاب: ظننت أنك سترفع رأسي من تلقاء نفسك
الحكيم: .. حسناً .. وماذا عن العشر الثواني الأخرى(يعني العشرين ثانية)؟؟؟
الشاب: أيضا ظننت أنك سوف تحس على دمك وترفع رأسي
الحكيم: حسناً وما شأن الثلاثين ثانية؟؟
فقال الشاب: كنت أحس ببعض الاختناق ولكنني أيضا ظننت
أنك ستلاحظ هذا وترفع رأسي من الماء
فقال له الحكيم: وماذا عن الأربعين ثانية.. الخمسين.. إلخ
فقال الشاب: كنت أحاول أن أمتلك نفسي لأطول وقت ممكن
لأنني ظننت أنك ستلاحظ طول الوقت وترفعني..
لكني كنت أختنق أكثر فأكثر..
إلى أن قال في الثواني الأخيرة من الدقيقة..
كنت سأموت لو لم أرفع رأسي وبقوة
فقال له الحكيم... هل عرفت أنك أنت المجنون الآن؟
فقال الشاب (وهو لحد الآن لم يفهم الدرس ولم يفهم قصد ذلك الحكيم): وكيف ذلك؟
فقال
له الحكيم: أنا غطست رأسك.. ولكنك بقيت تظن وتظن (وتتكل على غيرك) على أني
سأرفع رأسك وأنقذك من تلقاء نفسي من الاختناق.. وهذا هو الجنون بعينه
ليس من العقل أن تنتظر الآخرين ليغيروا مسار حياتك، بل أنت من يجب أن تغير مسار حياتك.. مِنْ غرقٍ واختناق وفشل.. إلى عيش وحياة وأمل
وكونك أيها الشاب في آخر اللحظات
رفعت رأسك وبقوة كبيرة بالرغم
من أني ممسك برأسك بكلتا يدي
لتنقذ نفسك بتلك الطريقة
فهذا هو
ما يسمىبـ
(( الإصرار ))
فإذن.. الإصرار هو أن تعتمد على نفسك في تغيير مسار حياتك، لا أن تنتظر الآخرين بأن يغيروك.. لا تنتظر.. بل أنت غير نفسك بنفسك
نور محمد