*
ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله (في كتابه: الجواب الكافي) أن أحد الناس
قيل له وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فقال: وما يغني عني وما أعرف
أني صليت لله صلاة؟! ولم يقلها.
*
ونقل الحافظ ابن رجب رحمه الله (في كتابة: جامع العلوم والحكم ) عن أحد
العلماء، وهو عبدالعزيز بن أبي رواد أنه قال: حضرت رجلا عند الموت يلقن لا
إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول . ومات على ذلك، قال:
فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر، فكان عبدالعزيز يقول: اتقوا الذنوب، فإنها هين
التي أوقعته.
*
ونحو هذا ما ذكره الحافظ الذهبي رحمه الله أ، رجلا كان يجالس شراب الخمر،
فلما حضرته الوفاة جاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له: اشرب واسقني ثم مات.
*
وذكر الحافظ الذهبي رحمه الله أيضا (في كتابه: الكبائر) أن رجلا ممن كانوا
يلعبون الشطرنج احتضر، فقيل له: قل لا إله إلا الله فقال: شاهك. في اللعب،
فقال عوض كلمة التوحيد: شاهدك.
*
ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله عن رجل عرف بحبه للأغاني
وترديدها، فلما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء
ويقول: تاتنا تنتنا … حتى قضى، ولم ينطق بالتوحيد.
*
وقال ابن القيم أيضا: أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده،
وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مشتر جيد،
هذه كذا. حتى قضى ولم ينطق التوحيد نسأل الله العافية والسلامة من كل ذلك.
*
وها هنا تعليق للعلامة ابن القيم رحمه الله نورد ما تيسر منه، حيث عقب على
بعض القصص المذكورة آنفا، فقال: (وسبحان الله، كم شاهد الناس من هذا عبراً؟
والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم، فإذا كان العبد في حال حضور
ذهنه وقوته وكمال إدراكه، قد تمكن منه الشيطان، واستعمله فيما يريده من معاصي
الله، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى، وعطل لسانه عن ذكره، وجوارحه عن
طاعته، فكيف الظن به عند سقوط قواه، واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم
النزع؟ وجمع الشيطان له كل قوته وهمته، وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال
منه فرصته، فإن ذلك آخر العمل، فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت، وأضعف
ما يكون هو في تلك الحال، فمن ترى يسلم على ذلك؟ فهناك: (يثبت الله الذين
آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل
الله ما يشاء) إبراهيم: 27 . فكيف يوفق بحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه
قلبه عن ذكره، واتبع هواه، وكان أمره فرطاً، فبعيد من قلبه بعيد عن الله تعالى
غافل عنه، متعبد لهواه، أسير لشهواته،ولسانه يابس من ذكره، وجوارحه معطلة من
طاعته، مشتغلة بمعصيته - بعيد أن يوفق للخاتمة بالحسنى) أ.هـ
*
وسوء الخاتمة على رتبتين - نعود الله من ذلك: على القلب عند سكرات الموت
وظهور أهواله: إما الشك وإما الجحود فتقبض الروح على تلك الحال وتكون حجابا
بينه وبين الله، وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد .
*
والثانية وهي دونها، أ، يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا أو
شهوة من شهواتها المحرمة، فيتمثل له ذلك في قلبه، والمرء يموت على ما عاش
عليه، فإن كان ممن يتعاطون الربا فقد يختم له بذلك، وإن كان ممن يتعاطون
المحرمات الأخرى من مثل المخدرات والأغاني والتدخين ومشاهدة الصور المحرمة
وظلم الناس ونحو ذلك فقد يختم له بذلك، أي بما يظهر سوء خاتمته والعياذ بالله
، ومثل ذلك إذا كان معه أصل التوحيد فهو مخطور بالعذاب والعقاب.