في رمضان المبارك تحولات حقيقية في مسيرة الحياة تحولات كثيرة وكبيرة ما إن يدخل
رمضان حتى يطرأ على الكون كلّه في السماء والأرض تحولات كثيرة ففي السماء تفتح
أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتفتح أبوب السماء روى البخاري عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ "
وفي السماء ينادى يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر في الأرض تصفد
الشياطين
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ
وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا
بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ
وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ
أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ "
في المباحات يحرم الطعام والشراب والجماع من طلوع الشمس إلى غروبها في الفرائض
يضاعف ثوابها قل النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى :
" يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي
وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا " البخاري
في النفل يقلب ثوابها " من أدى في نافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه "
في الروائح ترتفع الرائحة البشعة من فم الصائم إلى درجات لتصل فتكون أعلى من
المسك وينزل قيمة المسك فيكر للصائم أن يتعطر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" ِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ
اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " البخاري
في البيت الحرام تقلب العمرة في رمضان لتصل إلى ثواب الحج مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فإنه قَالَ : " فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً
أَوْ حَجَّةً مَعِي " البخاري
إنها تحولات كبيرة يأمر الله سبحانه وتعالى بها الكون كله ليصير مساعدة على
العبادة
إنها تحولات متنوعة وعديدة فيها مضاعفة للثواب وقلب له فيها وإغلاق لطرق الشر
وفتح لطرق الخير فيها ربط للشياطين وتصفيد لهم
هذا التحول في الكون ماذا يقابله عند المسلمين ؟
إن التحول يقتضي تحولا وإن التغيير يقتضي تغيرا
والسؤال الذي يطرح نفسه من يطرق باب من ؟
هل نحن نطرق باب رمضان أم أن رمضان هو الذي يطرق بابنا ؟
سؤال قد يكون فلسفيا بعض الشيء لكنه مهم جدا وبتحديد الإجابة يتحدد المسار
وبمعرفة الجواب يعرف الطريق الناس صنفان
صنف من الناس هو الذي يدق باب رمضان ويسعى إليه متشوقا مستعدا وهذا حال النبي
صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الذين كانوا يقولون :
" اللهم بلغنا رمضان "
فهم متشوقون لهذا الشهر المبارك قد عرفوا قدره فشعروا بأهميته عرفوا انه كفارة
لما بين الرمضانين فأقبلوا عليه ليغفر الله لهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : "
الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى
رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِر "َ مسلم
وعرفوا فيه الرحمة والرأفة فأسرعوا إليه
اشتاقوا إلى سحر يجلسون فيه مع الله سبحانه ويسمعون نداءه ويلبون هذا النداء هل
من مستغفر فأغفر له
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ
إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ
فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ
مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " البخاري
وصنف من الناس رمضان عندهم هو الذي يدق بابهم فيتفاجؤن به ويرتبكون لمجيئه
وكأنه ضيف من البادية ثقيل سيقيم عندهم شهرا كاملا فيفكرون أن يقدموا له وجبتين
من الطعام ويحاولون أن يذبحوا وقته ويزيلوا ملله بنوع من المسهيات والملهيات
وتبدأ رحلة التفنن بهذه المسهيات والملهيات وتبدأ رحلة المسلسلات ورحلة الخيمات
ورحلة السهرات ورحلة النوم الطويل يحاولون بذالك التخفيف على أنفسهم من هذا
الضيف الثقيل
إننا لا بد أن نجيب عن هذا السؤال المهم
من يطرق باب من ؟
لأننا بالإجابة عليه نعرف من أي صنف نحن وأي طريق سنسلك ؟
اللهم بلغنا رمضان وأعنا فيه على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان واجعله
ياربنا شاهدا لنا وليس شاهدا علينا ياكريم أمين