السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأخبرني الطبيب الماهر الثقة الصالح العلامة سيدي أبو القاسم بن محمد الوزير الغساني الأندلسي الأصل الفاسي المولد والنشأة حكيم حضرة السلطان المنصور بالله الحسني صاحب المغرب رضي الله تعالى عنه أن ابن زهر لما قال هذه الأبيات وسمعها أمير المؤمنين يعقوب المنصور سلطان المغرب والأندلس أواخر المائة السادسة أرسل المهندسين إلى إشبيلية وأمرهم أن يحتاطوا علما ببيوت ابن زهر وحارته ثم يبنوا مثلها بحضرة مراكش ففعلوا ما أمرهم في أقرب مدة وفرشها بمثل فرشه وجعل فيها مثل آلاته ثم أمر بنقل عيال ابن زهر وأولاده وحشمه وأسبابه إلى تلك الدار ثم احتال عليه حتى جاء إلى ذلك الموضع فرآه أشبه شيء ببيته وحارته فاحتار لذلك وظن أنه نائم وأن ذلك أحلام فقيل له ادخل البيت الذي يشبه بيتك فدخله فإذا ولده الذي تشوق إليه يلعب في البيت فحصل له من السرور ما لا مزيد عليه ولا يعبر عنه هكذا هكذا وإلا فلا لا
ومن نظم ابن زهر المذكور حيث شاخ وغلب عليه الشيب
( إني نظرت إلى المرآة قد جليت ... فأنكرت مقلتاي كل ما رأتا )
( رأيت فيها شويخا لست أعرفه ... وكنت أعهده من قبل ذاك فتى )
( فقلت أين الذي بالأمس كان هنا ... متى ترحل عن هذا المكان 15 متى )
( فاستضحكت ثم قالت وهي معجبة ... إن الذي أنكرته مقلتاك أتى )
( كانت سليمى تنادي يا أخي وقد ... صارت سليمى تنادي اليوم يا أبتا )
والبيت الأخير ينظر إلى قول الأخطل
( وإذا دعونك عمهن فإنه ... نسب يزيدك عندهن خبالا )
( وإذا دعونك يا أخي فإنه ... أدنى وأقرب خلة ووصالا )
وقال ابن دحية في حقه أيضا والذي انفرد به شيخنا وانقادت لتعليته طباعه وصارت النبهاء فيه من خوله وأتباعه الموشحات وهي زبدة الشعر ونخبته وخلاصة جوهره وصفوته وهي من الفنون التي أغرب بها أهل المغرب على أهل المشرق وظهروا فيها كالشمس الطالعة والضياء المشرق انتهى
ومن مشهور موشحات ابن زهر قوله
( ما للموله ... من سكره لا يفيق )
وهذا مطلع موشح يستعمله أهل المغرب إلى الآن ويرون أنه من أحسن الموشحات ومن موشحاته قوله
( سلم الأمر للقضا ... فهو للنفس أنفع )
( واغتنم حين أقبلا ... )
( وجه بدر تهللا ... )
( لا تقل بالهموم لا ... )
( كل ما فات وانقضى ... ليس بالحزن يرجع )
( واصطبح بابنة الكروم ... )
( من يدي شادن رخيم ... )
( حين يفتر عن نظيم ... )
( فيه برق قد أومضا ... ورحيق مشعشع )
( أنا أفديه من رشا ... )
( أهيف القد والحشا ... )
( سقي الحسن فانتشى ... )
( مذ تولى وأعرضا ... ففؤادي يقطع )
( من لصب غدا مشوق ... )
( ظل في دمعه غريق ... )
( حين أموا حمى العقيق ... )
( واستقلوا بذي الغضا ... أسفي يوم ودعوا )
( ما ترى حين أظعنا ... )
( وسرى الركب موهنا ... )
( واكتسى الليل بالسنا ... )
( غصني القد مهضوم الوشاح ... مادري الوصل طائي السماح )
( قد بالقد فؤادي هيفا ... )
( وسبى عقلي لما انعطفا ... )
( ليته بالوصل أحيا دنفا ... )
( مستطار العقل مقصوص الجناح ... ما عليه في هواه من جناح )
( يا علي أنت نور المقل ... )
( جد بوصل منك لي يا أملي ... )
( كم أغنيك إذا ما لحت لي ... )
( طرقت والليل ممدود الجناح ... مرحبا بالشمس من غير صباح )