إلهِي أَشْكُو إلَيْكَ عَدُوّاً يُضِلُّنِي، وَشَيْطانَاً يَغْوِينِي، قَدْ مَلاَ بِالْوَسْواسِ صَدْرِي، وَأَحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبِي يُعاضِدُ لِيَ الْهَوى، وَيُزَيِّنُ لِي حُبَّ الدُّنْيَا، وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَالزُّلْفى
في البدء وقبل أن أدخل معكم في صدر الموضوع أستجير وإياكم بالله من الشيطان الرجيم ذلك العدو المبين الذي يدعونا لأن نشربطه بالله وننساق إلى إليه بالمعصي ليوقعنا في شراكه ويقيدنا بحبائله لتكون أسراء لوساوسه التي تودي بنا إلى المهالك وتخلد بنا في عذاب الله وانتقامه ونسأل الله أنيقينا شره ويجنبنا الإنصياع إليه بالإستعاذة منه ومن اغواءاته لنكون في مأمن منه وفي حصن حصين من كيده ومكره
نعم أيها المؤمنون
إن إبليس اللعين من ألد الأعداء لنا فهو لا يهنأ إلا إذا رآنا منقادين إليه سالكين طريقه المظلم غير مبالين بغضب الله غافلين عن ناره التي سجرها لغضبه مقبلين على الدنيا بشهواتنا التي زينها لنا مستعينين في ذلك على تلك النفس التي تأمرنا بالسوء وتدعونا إلى أن نكون من حرب الشيطان لنضل ونهوى في لظى تشوي وجوهنا وتذيب شحومنا وتغير ملامحنا نسأل فلا نجاب وندعو فيأتينا الجواب إخسئوا فيها ولا تكلمون
نعم إن الشيطان كان للإنسان خذولا يضله عن طريق الحق ويبعده عن شعاع الهدى ليتخط في ظلام الجهل ويقع في وحل الرذيلة يأتيه بلباس جميل ليزين له القبيح فإذا ما يغريه إلى زخارف الدنيا الفانية ليجعلها حلوة في عينيه فإذا رأى استعداده للإقبال على الدنيا أوقعه في الخطيئة وأغرقه في بحر الجريمة
لينتهي به المر إلى الجحود بالخالق العظيم وعبادة الشيطان الرجيم
نعم إن الشيطان وحسدا منه لآدم وذريته تعهد بأن يقعد لهم صراط الله المستقيم ليضلهم ويمنيهم ليغتروا به ويقعوا في شراكه ويكونوا من حزبه
قال تعالى " قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم و لا تجد أكثرهم شاكرين" [ الأعراف 16-17 ]
فإذا ما أراد ذلك العاصي الرجوع إلى ربه يبداالشيطان في الوغول إلى نفسه بالوساوس والهواجس لتمنعه عن العودة بالتسويف والتأجيل فإن انصاع إليها وإلى وساوس ابليس اللعين صار من جنوده وأعوانه ليسير بهم إلى حيث الهاوية والعياذ بالله
وخير سبيل لاجتناب وساوس الشيطان واجتناب الوقوع في شراكه هو تزية النفس بمراقبتها ومحاسبتها والإنشغال بها عن النظر إلى عيوب الآخرين
على أن تكون المحاسبة دورية في نهاية اليوم وفي نهاية الأسبوع وفي نهاية الشهر وفي المناسبات الدينية كليلة القدر العظيمة وفي رمضان والأعياد الثلاثة وفي موسم الحسين عليه السلام وأيامه الأليمة والتي فيها كانت تلك ذلك الموقف العظيم لإنسان جعجع بالحسين وعائلته إلى حيث القتل حيث عاد إلى رشده وحاسب نفسه واستعاذ من عدوه وتاب إلى ربه فنال بذلك السعادة الأبدية والنعيم المقيم في زمرة الحسين عليه السلام ومن صحابته الذين هم خير صحب
فهذه المناسبات فرصة لمحاسبة النفس ومراجعة الأعمال فإن كانت صالحة اطلبو من الله الثبات وإن وإن كانت سيئة عودوا إلى الله تائبين راجين المغفرة معاهدين الله على عدم العودة للذنب أبدا ولوموا أنفسكم على تلك الذنوب واذرفوا الدمع حسرة وندما على تلك الخطايا وادعوا الله الإستعانة على الخلاص من شراك الشيطان وحبائله
وكونوا على يقين بأن الله سيغفر لكم ذنوبكم ويستبدلها لاحسنات
قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[سورة الزمر: آية 53].
وختاما
ادعو الله لي ولكم أن على أنفسنا برحمته الواسعة ويعيذنا به من وساوس الشيطان التي تضلنا عن الهدى لنكون من عباده الصالحين ونخلد في رضوانه
ونقيم في جنانه