مازال فن العمارة القديم هو المرآة التي تعكس حضارات الأمم والنافذة التي تطل منها الأجيال على كل ما خلده الآباء والأجداد من مبتكرات وطرق للحياة، وعلى وجه الخصوص المعمار التقليدي الذي هو خطوة جريئة نحو قراءة تفكير من سبقونا في المعمار وتغلبهم على ظروف البيئة المعمارية ودراستها والتعرف على الأنماط المعمارية والعادات التقليدية.
وتحكي مباني جدة القديمة والعمران الكثير ومازال الكثير منها يصمد واقفا في وجه الزمن لتحكي قصصا لسكانها وان هجروها
من الفن الاندلسي والارابيسك التي تظهر بصورة جلية في التشكيلات المعمارية والزخرفية للمساجد والبيوت والعمارة والبناء، فلا نجد في بناء او بيت لم يبن من الحجر «المنقبي» إلا وتزينه الرواشين «الروشان» والعقود وعرائس السماء على نوافذ المنازل التي تأخذ في اشكالها عدداً من الزخارف النباتية او الخطية الهندسية على الخشب والزخرف والجص والزجاج ...
وبنى أهالي جدة بيوتهم من الحجر المنقبي الذي كانوا يستخرجونه من أماكن متفرقة من البحر مثل بحيرة الأربعين، ثم يعالجونه بالآلات الحادة يدوياً حسب المقاسات التي يريدونها مع إستخدام الأخشاب التي كانوا يجلبونها من المناطق المجاورة كوادي فاطمة و البعض كانوا يستوردونه من الخارج خاصة من الهند و كانت تحمله السفن إلى ميناء جدة.
و كانت طريقة البناء تتمثل في رص الأحجار في صفوف فوق بعضها البعض و تعرف بلغة المهنة باسم (المداميك) و مفردها (مدماك)، و تفصل بينها قواطع من الخشب تسمى بلغة المهنة (تكايل) و توضع لتوزيع الأحمال على الحوائط.
جحر المنقبي
إستخدم البناؤون أربعة أنواع من الأحجار في البناء أشهرها الحجر المنقبي و هو الأكثر استخداماً نظراً لتوفره بكثرة في السواحل البحرية ، و كان يتم نحته على شكلقوالب مستطيلة الأضلاع بواسطة آلة حديدية تسمى (الشاحوطة) و تم إستغلال جمال هذا النوع من الأحجار لإظهار جمال واجهات المنازل الخارجية دون الحاجة لتغطيته بطبقة سطحية من النورة المصبوغة.
ومن أشهر البيوت التي استخدمت هذا الحجر في بنائها بيت البغدادي الذي كان يقع في غرب محافظة جدة قرب شاطىء البحرالأحمر.
وهذي جده عام 1938 م